إن أكثر ما يشغل الزوجين عند تأكيد الحمل هو نوع جنس المولود، هل هو ذكر أم أنثى؟ ويتبادر إلى الأذهان: هل هناك طريقة فعّالة لتحديد جنس المولود؟ وإن وجدت، فما هي؟
الحقيقة أنه لا توجد طريقة مضمونة بنسبة 100% لتحديد جنس المولود، حتى باستخدام تقنية التلقيح في الأنابيب. ولكن هناك عدة خطوات عند اتباعها تزيد من نسبة الحمل بمولود ذكر أكثر من الحمل بمولود أنثى، وتختلف هذه النسبة من شخص إلى آخر.
سنفصل في هذا المقال هذه الخطوات القائمة على أسس علمية بعيداً عن الشعوذة والتنجيم.
أولاً: تركيبة السائل المنوي:
يتكون السائل المنوي من:
1- حيوانات منوية: تشكل 10% من تركيبة السائل المنوي، وهي قسمان:
- (A) حيوانات منوية مذكرة: تتصف بكونها خفيفة الوزن، سريعة، ضعيفة (غير مقاومة)، وتعيش بدرجة حرارة 36 مئوية.
- (B) حيوانات منوية مؤنثة: تتصف بأنها أثقل وزنًا، أبطأ، أكثر مقاومة، وتعيش بدرجة حرارة 37 مئوية.
2- البلازما المنوية: تشكل 90% من تركيبة السائل المنوي، وتشمل مفرزات الغدد الجنسية، ووظيفتها تغذية النطاف، وتوفير وسط مناسب لها، ونقلها إلى مكان التلقيح، وتعديل درجة حموضة المهبل إلى قلوية. تتكون من مفرزات الغدد الجنسية وهي:
- (A) غدة البروستات: تشكل 30% من كمية السائل المنوي، وتحتوي على: حمض الستريك، حمض الفوسفاتاز، صوديوم، بوتاسيوم، زنك، كالسيوم، وإنزيمات مثل الهيلاروناز.
- (B) الحويصلان المنويان: تشكل مفرزاتها حوالي 40-45% من كمية السائل المنوي، وتحتوي على: فروكتوز (غذاء أساسي للنطاف)، أحماض أمينية، حمض الستريك، فوسفور، بوتاسيوم، وهرمونات جنسية.
- (C) الغدة البصلية والإحليلية: تشكل مفرزاتها حوالي 5% من كمية السائل المنوي، وتحتوي على بروتينات مخاطية لإعطاء قوام للسائل المنوي.
الحيوانات المنوية المذكرة: تحمل الصيغة الصبغية (XY) وهي التي تحدد جنس المولود. تتصف بصفات تخالف فيها الحيوانات المنوية المؤنثة، وهذا مهم في تحديد جنس الجنين. فعندما يكون الجماع قبل الإباضة بيومين أو ثلاثة، تكون نسبة الإخصاب بمولود أنثى (XX) كبيرة جداً. أما إذا كان الجماع في يوم الإباضة، فإن نسبة الإخصاب بمولود ذكر (XY) تكون كبيرة جداً. السبب في ذلك هو صفات النطاف الذكري، حيث يكون ضعيفاً وغير قادر على تحمل درجات الحموضة العالية ودرجات الحرارة العالية، مما يؤدي إلى موته، في حين أن النطاف الأنثوي يكون قوياً وقادراً على التحمل.
ويتصف النطاف الذكري بالسرعة (أسرع من النطاف الأنثوي)، مما يجعله يصل إلى مكان الإلقاح قبل النطاف الأنثوي، وهذا أيضاً يزيد من نسبة الإخصاب بمولود ذكر إذا كان الجماع في يوم الإباضة.
ثانياً: الاختبارات التشخيصية:
يجب على الزوج والزوجة التأكد من سلامة وصحة الجهاز التناسلي والوظائف الجنسية لنفي أي سبب قد يكون عائقاً أمام وصول النطاف الذكري أو الأنثوي إلى مكان الإلقاح، مثل ارتفاع درجة حموضة السائل المنوي أو المهبل. وللتأكد من ذلك، يجب القيام بعدة اختبارات مخبرية للزوجين وهي:
عند الذكر:
- قياس الهرمونات الجنسية: يتم ذلك من خلال قياس نسبة التستوستيرون وهرمون الأندروجين المفرز من قشرة الكظر وهرمونات الغدة الدرقية (TH وTSH)، كونها جميعاً تؤثر على الوظائف الجنسية وقدرة الحيوانات المنوية.
- فحص السائل المنوي: وهو من أهم الفحوصات كونه يكشف وجود تشوهات في الحيوانات المنوية، بطء حركتها، شكلها، نقص عددها أو حجم السائل المنوي.
- فحص درجة حموضة (PH) السائل المنوي ومستوى الفروكتوز فيه: أي ارتفاع في حموضة السائل المنوي قد يسبب ضعف أو موت الحيوانات المنوية. كذلك، نقص نسبة سكر الفروكتوز قد يؤدي إلى ضعف الحيوانات المنوية، كونه مصدر الغذاء الأساسي لها.
- التأكد من سلامة الأعضاء التناسلية: مثل الخصيتين والغدد الملحقة، ونفي وجود أي أمراض كالتهابات.
في حال وجود أي خلل أو مرض، يجب المتابعة مع طبيب مختص حتى الشفاء، وبعدها اتباع الخطوات التالية (سيتم ذكرها لاحقاً).
عند الإناث:
- قياس مستوى الهرمونات الجنسية وهرمون الأندروجين وهرمون الغدة الدرقية (TH وTSH): أي خلل في هذه الهرمونات سينعكس سلباً على الرغبة الجنسية.
- التأكد من سلامة الأعضاء الجنسية وظيفة وشكلاً.
- قياس درجة حموضة (PH) المهبل.
هناك العديد من الاختبارات التي تساعد في نفي وجود أي مشكلة جنسية وتأكيد سلامة الأعضاء الجنسية.
ثالثاً: الأمور التي يقوم بها الذكر:
يجب على الذكر القيام بعدة أمور قبل الجماع الإلقاحي الذي ستحدد موعده الأنثى (كما سيرد لاحقاً). ومن هذه الأمور:
1- الانقطاع لمدة 3 إلى 5 أيام (وسطياً 4 أيام) عن أي عملية قذف: هذا سيساعد على تجهيز النطاف خلال هذه المدة ليكون فتيًا وقويًا ونشيطًا. وخلال هذه المدة، أيضاً، يكون قد اكتمل حجم السائل المنوي الأعظمي (حوالي 5 مل).2- النظام الغذائي: يجب على الذكر أن يتبع نظامًا غذائيًا معينًا يستهدف الأطعمة التي تزيد القدرة الجنسية، قوة الحيوانات المنوية، وزيادة الهرمونات الجنسية.
3- النظام الرياضي: يجب على الذكر القيام بعدة تمارين رياضية (بعضها مشترك مع الإناث) لزيادة القدرة الجنسية مما يزيد من زمن القذف ويؤدي إلى الوصول للنشوة. هذه التمارين تشمل:
- رفع الأثقال: يزيد معدل هرمون التستوستيرون، ويقوي الجزء العلوي من الجسم، ويحسن الرغبة الجنسية.
- تمارين البلانك: تقوي المنطقة المتوسطة من الجسم (عضلات البطن والحوض والظهر)، مما يزيد من القدرة الجنسية وفترة العلاقة الجنسية.
- تمرين كيجل: يعد من أهم التمارين التي تساعد في زيادة الرغبة والقدرة الجنسية عند الذكر والأنثى، لأنه يزيد من تنظيم والتحكم في توتر العضلات العانية العصعصية، ويقوي عضلات الحوض، مما يساعد على تأخير القذف والوصول للنشوة.
- تمارين اليوغا: تزيد من ليونة الجسم، مما يساعد على تحسين القدرة الجنسية على ممارسة العلاقة بوضعيات مختلفة. هناك أبحاث تؤكد أن تمارين اليوغا تزيد من مدة الجماع وتؤخر القذف.
- تمارين المشي السريع: يقلل من خطر ضعف الانتصاب مع التقدم في العمر ويحسن الدورة الدموية وتدفق الدم.
- تمارين السباحة: السباحة لمسافات طويلة يحسن الأداء الجنسي.
ملاحظات للذكر:
- يجب على الذكر الابتعاد عن ارتداء الملابس الضيقة ويفضل اللباس الفضفاض.
- يجب على الذكر تجنب الاستحمام بالماء البارد، لأنه وفقاً لدراسات يقلل من القدرة الجنسية.
رابعاً: واجبات الأنثى
1- تحديد موعد الإباضة:
(سيتم تفصيله أكثر في فقرة خاصة)يجب على الأنثى قبل الجماع تحديد موعد الإباضة، وهذه هي الخطوة الأهم من أجل تحديد جنس المولود. فإذا كانت الإباضة في يوم الجماع، فتكون النسبة الكبيرة أن المولود ذكر، لأن البويضة تحتاج لمدة 6 ساعات للوصول إلى مكان الإلقاح. وتحتاج النطاف الذكرية لمدة 12-24 ساعة حتى تصل إلى مكان الإلقاح. تعتمد هذه المدة على عدة عوامل، منها درجة حرارة الجسم الأنثوي التي يجب أن تكون 36 درجة مئوية، وهذا لا يحدث إلا يوم الإباضة. هذه الدرجة (36) هي درجة الحرارة المناسبة للنطاف الذكرية لأنها مماثلة لدرجة حرارة الخصية، أما النطاف الأنثوية فقادرة على العيش بدرجة حرارة أعلى، وهذا يفسر بقاءها لمدة أطول في الجهاز التناسلي الأنثوي.
2- تعديل درجة الحموضة:
من المعروف أن وسط السائل المنوي قلوي (بسبب إفرازات غدة البروستاتا)، أما وسط المهبل فهو حامضي، لذلك عند بقاء النطاف لمدة طويلة في المهبل، سيؤدي ذلك إلى موت النطاف، وخاصة الذكرية.
ولتجنب هذا الأمر، هناك عدة إجراءات تقلل من حموضة الوسط، منها:
1- حقن محلول قلوي في المهبل قبل الجماع مثل محلول بيكربونات الصوديوم، وهذا يؤدي إلى تعديل الوسط والتخفيف من درجة الحموضة. لكن هذه الخطوة غير محبذة، كونها قد تؤدي إلى نمو البكتيريا الضارة نتيجة نقص درجة الحموضة، مما يؤدي إلى التهابات.
2- اتباع نظام غذائي قلوي:
(سيتم تفصيله في الفقرة التالية) وهو الطريقة الأسلم، كون الغذاء القلوي يقوم بتعديل درجة حموضة المهبل والرحم، ويوفر بيئة مناسبة للحيوانات المنوية الذكرية. يجب اتباع هذا النظام لمدة شهر قبل الجماع، مع الابتعاد عن الغذاء الحامضي. (الأفضل أن يكون الطعام القلوي أكثر بكثير من الحامضي وبدون الإقلاع عن الغذاء الحامضي).
خامساً: عند الجماع
بعد التحضير للجماع والوصول إلى يوم الجماع الإلقاحي الذي حددته الأنثى، يجب القيام بعدة أمور مشتركة بين الذكر والأنثى. هدفها هو إفساح الطريق أمام النطاف الذكرية للوصول إلى البويضة لتلقيحها قبل النطاف الأنثوية. ومن هذه الإجراءات:
1- يجب على الأنثى أن تتحضر للجماع قبل الذكر، مما يزيد من نسبة الهرمونات الجنسية عندها، وأهمها الإستروجين، الذي يجعل مخاط عنق الرحم رائقًا وسائلاً، مما يسمح بمرور النطاف إلى الرحم بسرعة دون الانتظار بالمهبل. هذا يساعد أيضًا على وصول النطاف الذكرية قبل الأنثوية إلى الرحم لأنها أسرع. فإذا كان مخاط عنق الرحم سميكًا قليلاً، سيشكل حاجزًا أمام مرور النطاف بسرعة إلى الرحم، مما سيجعل النطاف عرضة للموت بسبب درجة حموضة الوسط، وسيجعل فرصة وصول النطاف الأنثوية مثل الذكرية إلى مكان الإلقاح.2- على الذكر أن يسعى دائماً إلى إطالة مدة الجماع، سواء كان ذلك بطرق طبيعية أو بالاعتماد على أدوية مقوية (تؤخذ باستشارة طبية). السبب في إطالة المدة هو وصول الأنثى إلى النشوة مما يزيد من الهرمونات الجنسية.
3- على الذكر والأنثى اختيار وضعيات جماع مناسبة، مما يسمح بوصول رأس القضيب إلى أبعد نقطة ممكنة وانسياب السائل المنوي بسلاسة نحو الرحم. هذا يقلل من مدة بقاء السائل المنوي في المهبل، ويسهل وصول النطاف بسرعة إلى مكان الإلقاح.
4- على الذكر أن لا يقذف كامل السائل المنوي في الجهاز التناسلي الأنثوي، ويكتفي بقذف نصفه أو أقل. فقد أظهرت دراسات غير مؤكدة أن النطاف الفتي والقوي يتم قذفه في البداية، وأن النسبة الأكبر من هذه النطاف تكون حيوانات منوية ذكرية.
5- على الأنثى عدم التحرك وتغيير وضعيتها بعد الجماع لمدة 10-15 دقيقة للمساعدة في وصول السائل المنوي إلى الرحم أسرع.
سادساً: حساب موعد الإباضة
1- في حال كانت الدورة نظامية:
تختلف مدتها من أنثى لأخرى، فقد تكون 22 يومًا أو 25 يومًا أو 28 يومًا أو 30 يومًا. والأشيع 28 يومًا، ويقال نظامية لأن تكرارها يحدث بتواتر منتظم.
لحساب يوم الإباضة في الدورة النظامية، يجب علينا تحديد أمرين: الأول هو تحديد أول يوم في الدورة الحالية، والثاني تحديد مدة التكرار. منه نحدد أول يوم في الدورة القادمة ونطبق القانون التالي:
يوم 14 - أول يوم في الدورة القادمة = يوم الإباضة
مثال: امرأة تملك دورة نظامية مدتها 28 يومًا على افتراض أن أول يوم في الدورة وافق تاریخ 1/7/2023.
ما هو يوم الإباضة؟
الحل: نضيف 28 يومًا إلى تاريخ أول يوم في الدورة، فتحصل على تاريخ 29/7/2023، وبعدها نطرح 14 يومًا من التاريخ فتحصل على يوم الإباضة.
29 - 14 = 15/7/2023 هو يوم الإباضة.
2- في حال كانت الدورة غير نظامية:
أي أن مدة تكرار الدورة تختلف من دورة إلى أخرى، وعليه يجب لتحديد موعد الإباضة المتابعة مع طبيب مختص.
سابعا: النظام الغذائي
عند الذكر:
1- الأطعمة التي تزيد من إنتاج الهرمونات الجنسية (خاصة التستوستيرون):
الأسماك الدهنية، الكاكاو، الأفوكادو، البيض، الجرجير، التوت والكرز، زيت الزيتون، الزنجبيل، البصل، الخضار الخضراء، والأطعمة التي تحتوي على فيتامين د والزنك مثل العنب الأحمر، التونا، الرمان، الحليب، الخس، البيض، العسل، عصير البرتقال، عصير الموز، عصير الليمون، والمكسرات.
يجب الامتناع عن شرب الكحول والتدخين والتوتر والانفعال والقلق (لأنه يرفع الكورتيزول مما يقلل من التستوستيرون).
زيادة الهرمونات الجنسية المذكرة، وخاصة التستوستيرون، تساعد على زيادة إنتاج حيوانات منوية قوية وفتية، وزيادة القدرة الجنسية.
2- الأغذية التي تعتبر مصدرًا غذائيًا للحيوانات المنوية:
تعتمد الحيوانات المنوية في غذائها على سكر الفروكتوز الذي يوجد بكثرة في العسل، التوت، الذرة، البطيخ، التفاح، وغيرها الكثير.
3- الأغذية الحاوية على الزنك:
يوجد الزنك بأعلى نسبه له في البلازما المنوية مقارنة بأي نسيج آخر. يقوم بحماية الحيوانات المنوية، ويزيد عددها، ويزيد حجم السائل المنوي، ويزيد نسبة التستوستيرون. يوجد الزنك في اللحوم، الدواجن، الأسماك، والبقوليات.
ملاحظة: هناك موانع استخدام لبعض الأغذية مثل مرض السكري، أمراض القلب والشرايين، أمراض الكبد، وغيرها. لذلك يجب استشارة طبيب مختص قبل تناول أي طعام.
عند الإناث:
يجب على الأنثى الانتباه إلى أي تغيير في نظامها الغذائي، كون هناك أغذية قد تسبب تغييرًا في مستوى الهرمونات الجنسية، مما يسبب تغييرًا في موعد الإباضة. هذا له تأثير سلبي، وخاصة عند النساء ذوات الدورة المنتظمة. لذلك يجب استشارة طبيب مختص في هذا الخصوص.
1- الطعام القلوي:
يساعد في تعديل أوساط الجسم (درجة PH) دون إهمال الطعام الحامضي لكي لا يحدث خلل في PH. من هذه الأطعمة: موز، كرز، عنب، برتقال، خوخ، تفاح، ملفوف، كوسا، باذنجان، قرنبيط (زهرة)، فجل، خيار، جزر، وغيرها الكثير.
ختاماً، يجب التنويه بأن اتباع الخطوات السابقة سيزيد من فرصة أن يكون جنس المولود ذكرًا، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن يكون المولود ذكرًا. وعليه، فإن هذه النسبة تختلف من شخص إلى آخر. فرصة الحمل بمولود ذكر تكون أكبر عندما يوجد في العائلة قصة حمل بذكر منها عندما لا يوجد في العائلة قصة حمل بمولود ذكر.
ويجب التسليم التام بقضاء الله وقدره إن كان المولود ذكرًا أم أنثى.
بقلم: صهيب القاسم
هل هناك طرق مضمونة للحمل مولود ذكر
ردحذف