يسعى الكثير من الأشخاص عند محاولتهم إنقاص وزنهم إلى التركيز على اتباع نظام رياضي وغذائي صارم، متناسين عن قصد أو دون قصد أهمية النوم، الذي يُعد ركيزة أساسية في عملية إنقاص الوزن. إن تنظيم دورة النوم وساعات النوم يمكن أن يقلل من الجهد والوقت المبذول للوصول إلى نتيجة مرضية. في هذا المقال، سنستعرض لكم علاقة النوم بإنقاص الوزن.
أولاً: لمحة عن الهرمونات
- هرمون النمو: هو هرمون ببتيدي يُفرز من الغدة النخامية بمعدل 1-2 ملغ يوميًا، وتختلف هذه الكمية بحسب المرحلة العمرية. يُفرز هذا الهرمون على شكل دفعات كل 3 إلى 5 ساعات، وتزداد مستوياته أثناء النوم، الجهد البدني، وممارسة الرياضة. كما يزيد إفرازه عند انخفاض مستوى سكر الدم، ويقل إفرازه في حالات السهر (قلة النوم)، الخمول، ارتفاع سكر الدم، والتوتر.
وظيفته: تتمثل أهم وظائفه في تحفيز حرق الدهون وتحويلها إلى مصدر للطاقة لتزويد الأنسجة بالطاقة، وتحفيز بناء البروتينات والأنسجة، بالإضافة إلى تعزيز الجهاز المناعي ومعاكسة عمل الأنسولين.
- هرمون الجوع (الجريلين): يُنتج هذا الهرمون في القناة الهضمية عندما تكون المعدة فارغة، ثم ينتقل مع الدم إلى منطقة تحت المهاد ليبدأ عمله. هذا الهرمون ضروري للجسم، ولكن تقليل مستوياته يقلل الشعور بالجوع وبالتالي يقلل تناول الطعام ويساهم في إنقاص الوزن. لتحقيق ذلك، يجب اتباع نظام غذائي متوازن، ممارسة الرياضة، والحصول على قسط كافٍ من النوم.
- هرمون الشبع (اللبتين): يتم إنتاجه بشكل رئيسي من الأنسجة الدهنية، وبشكل أقل من المعدة والقلب، ثم ينقل مع الدم إلى الدماغ ليعطي معلومات عن مخازن الطاقة في الجسم. يُحفز هذا الهرمون الشعور بالشبع، مما يقلل الحاجة لتناول الطعام ويساهم في إنقاص الوزن. وفقًا لدراسات مؤكدة، فإن قلة النوم تحد من إفراز هرمون اللبتين وتزيد من إفراز هرمون الجريلين، مما يؤدي إلى زيادة الوزن.
- هرمون الكورتيزول: يُعد من الهرمونات الضرورية في جسم الإنسان، ولكن عندما يزيد عن حده الطبيعي، فإنه يصبح ضارًا. ارتفاع تركيز هرمون الكورتيزول يسبب انخفاض إفراز هرمون النمو، مما يوقف عمليات النمو في الجسم ويتسبب في تباطؤ عمليات الأيض، وهذا يؤدي إلى زيادة الوزن، خاصة في منطقة الخصر والبطن. إن تنظيم ساعات النوم يلعب دورًا مهمًا في ضبط تركيز هذا الهرمون؛ فعند النوم خلال ساعات النهار، يزيد تركيز الكورتيزول، وكذلك عند قلة النوم أو في حالات الانفعال والتوتر.
ثانيًا: النوم
النوم هو عملية فسيولوجية مهمة لإراحة أجهزة الجسم، ويساعد على تعويض ما فقده الجسم من طاقات خلال ساعات العمل. تنظيم دورة النوم وساعات النوم أمر مهم للحفاظ على صحة الجسم ووظائفه. كما أن النوم يلعب دورًا مهمًا في تسريع ظهور نتائج النظامين الغذائي والرياضي في إنقاص الوزن. سنناقش محورين أساسيين في النوم هما: عدد ساعات النوم وتنظيم دورة النوم.
- عدد ساعات النوم: يُفضل النوم لمدة تتراوح بين 7 إلى 9 ساعات يوميًا. الحفاظ على عدد ساعات نوم منتظم يقلل من إفراز هرمون الجريلين ويزيد من إفراز هرمون اللبتين. كما يُفضل عدم النوم على معدة فارغة، لما له من تأثير سلبي على صحة الجهاز الهضمي.
ملاحظة: يجب أن يكون النوم عميقًا لتحقيق الهدف من تنظيم دورة وعدد ساعات النوم. فالنوم المتقطع أو القلق لا يساعدان في الوصول إلى الهدف الرئيسي من تنظيم النوم.
- تنظيم دورة النوم:
المحافظة على دورة نوم منتظمة لا يقل أهمية عن عدد ساعات النوم. فهي تساعد في الحفاظ على التوازن الهرموني وعمل أجهزة الجسم بكفاءة.
- أفضل وقت للنوم هو الساعة 10 مساءً والاستيقاظ في الساعة 7 صباحًا. هذا التنظيم مهم للمحافظة على إفراز كمية كافية من هرمون النمو وتجنب الإفراط في إفراز هرمون الكورتيزول.
- السهر ليلاً والنوم في النهار يؤدي إلى زيادة الوزن بالإضافة إلى الأضرار الأخرى لأجهزة الجسم.
ملاحظة: يجب الامتناع عن تناول الطعام، خاصة الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات، قبل النوم بساعتين وبعد الاستيقاظ بساعتين لفسح المجال لهرمون النمو للعمل بكفاءة. إذا كان لابد من تناول الطعام، فيُفضل تناول الأطعمة الدهنية الصحية مثل السردين والتونة، لأنها لا تسبب ارتفاع سكر الدم.
ثالثًا: الأطعمة التي تساعد على النوم
يؤثر النوم بشكل كبير على فقدان الوزن، كما يلعب النظام الغذائي دورًا حاسمًا في جودة النوم. هناك علاقة متبادلة بين النوم والنظام الغذائي.
- يجب تجنب المنشطات مثل الكافيين والنيكوتين، خاصة قبل النوم بثلاث إلى أربع ساعات.
- يجب الحد من تناول وجبات ثقيلة قبل النوم، لأنها تؤثر على جودة النوم.
- يجب تقليل استهلاك السوائل في الليل لتجنب الاستيقاظ المتكرر بسبب الحاجة للتبول، مع الحفاظ على كمية السوائل التي يحتاجها الجسم خلال النهار.
- يُفضل اتباع نظام غذائي غني بالعناصر التالية: المغنيسيوم (الموجود في المكسرات والفواكه والخضروات الورقية مثل السلق)، فيتامين B6 (الموجود في الدجاج)، التريبتوفان (الموجود في الحليب ومشتقاته، السمك، والسمسم)، والكالسيوم الذي يقلل من التوتر، وأحماض أوميغا 3.
بالطبع، يجب أن تكون هذه الأغذية جزءًا من النظام الغذائي المتبع للأشخاص الذين يسعون لإنقاص الوزن.
رابعًا: نصائح لتنظيم النوم
- حافظ على جدول نوم ثابت (دورة نوم واستيقاظ منتظمة)، حتى في أيام العطل.
- خلق أجواء مناسبة للنوم مثل غرفة مظلمة وهادئة ودرجة حرارة مناسبة.
- التقليل من الجلوس أمام الشاشات سواء كانت شاشة جوال، لابتوب أو تلفاز، لما لها من تأثير سلبي على العين والدماغ.
- العمل على استرخاء عضلات جسمك قبل النوم لإرسال إشارات إلى الدماغ بأن الوقت قد حان للنوم.
- العمل على إجهاد جسمك خلال النهار للحصول على ساعات نوم أطول ونوم عميق.
- الابتعاد عن التوتر والانفعال قدر الإمكان.
ختامًا: في البداية، قد تواجه صعوبة في تغيير نظام نومك، ولكن هذه الصعوبة ستتلاشى مع مرور الوقت. ستعتاد على نظام نوم جديد مفيد لصحتك من جميع النواحي، وستلاحظ تغيرًا كبيرًا في وزنك مع مرور الوقت.
بقلم: صهيب القاسم