ارتفاع درجة الحرارة عند الأطفال من الأعراض الشائعة التي تثير قلق الأهل، خاصة عندما تكون دون سبب واضح. في كثير من الأحيان، تكون الحمى رد فعل طبيعي من الجسم لمحاربة العدوى أو الالتهاب. ولكن عندما تستمر الحرارة لفترة طويلة دون سبب معروف، تصبح الحالة أكثر تعقيدًا وتستدعي اهتمامًا طبيًا فوريًا. في هذا المقال، سنستعرض أسباب ارتفاع الحرارة بدون سبب عند الأطفال، وكيفية تشخيصها، وأفضل طرق العلاج.
ما هي الحمى مجهولة المصدر عند الأطفال؟
تُعرف الحمى مجهولة المصدر (Fever of Unknown Origin - FUO)، بارتفاع درجة حرارة الجسم لأكثر من 38.3 درجة مئوية، وتستمر لأكثر من 10 إلى 21 يومًا دون وجود سبب واضح بعد الفحوصات الأولية. هذه الحالة تُعد تحديًا تشخيصيًا للأطباء، حيث تتطلب تقييمًا دقيقًا وشاملًا لتحديد السبب الكامن وراءها.
الأعراض المصاحبة لارتفاع الحرارة بدون سبب
بالإضافة إلى ارتفاع درجة الحرارة، قد تظهر على الطفل أعراض أخرى تساعد في تحديد السبب الكامن. من بين هذه الأعراض:
- الخمول وقلة النشاط: قد يبدو الطفل أقل نشاطًا من المعتاد.
- فقدان الشهية: قد يرفض الطفل تناول الطعام أو يشعر بالعطش الشديد.
- التعرق أو القشعريرة: قد يعاني الطفل من نوبات تعرق أو قشعريرة متكررة.
- التغيرات السلوكية: قد يصبح الطفل سريع الانفعال أو يظهر سلوكًا غير معتاد.
- أعراض أخرى: مثل السعال، التهاب الحلق، احتقان الأنف، أو الطفح الجلدي.
الأسباب المحتملة لارتفاع الحرارة بدون سبب
هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى ارتفاع الحرارة بدون سبب واضح عند الأطفال، ومن أبرزها:
1. العدوى البكتيرية أو الفيروسية
- السل: عدوى بكتيرية مزمنة قد تسبب حمى مستمرة.
- عدوى الجهاز البولي: قد تكون خفية ولا تظهر أعراض واضحة.
- الحمى الناتجة عن خدوش القطط: عدوى بكتيرية تنتقل عن طريق خدوش القطط.
2. الأمراض المناعية
- الذئبة الحمراء: مرض مناعي ذاتي يهاجم أنسجة الجسم.
- التهاب المفاصل الروماتويدي الشبابي: قد يسبب حمى مستمرة عند الأطفال.
3. الأورام الخبيثة
- سرطان الدم (اللوكيميا).
- سرطان الغدد الليمفاوية.
4. أسباب أخرى
- اضطرابات الغدة الدرقية: مثل فرط نشاط الغدة الدرقية.
- التهاب الأوعية الدموية: مثل مرض كاواساكي.
- التعرض لضربة شمس أو ارتفاع حرارة البيئة.
كيفية تشخيص الحمى مجهولة المصدر
تشخيص الحمى مجهولة المصدر يتطلب تقييمًا طبيًا دقيقًا وشاملًا. قد يشمل ذلك الخطوات التالية:
- التاريخ الطبي: يسأل الطبيب عن التاريخ الصحي للطفل والعائلة، بما في ذلك أي أمراض سابقة أو أدوية يتناولها.
- الفحص السريري: يقوم الطبيب بفحص الطفل للبحث عن أي علامات تشير إلى سبب الحمى.
- فحوصات الدم: تشمل تعداد الدم الكامل، وفحوصات الالتهاب، ووظائف الكبد والكلى.
- زراعة الدم أو البول: للكشف عن أي عدوى بكتيرية أو فطرية.
- اختبارات التصوير: مثل الأشعة السينية، التصوير المقطعي (CT)، أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) للبحث عن أي تشوهات في الأعضاء الداخلية.
طرق علاج ارتفاع الحرارة بدون سبب
يعتمد علاج ارتفاع الحرارة بدون سبب على تحديد السبب الكامن وراءها. ومع ذلك، يمكن اتباع الإجراءات التالية لتخفيف الأعراض:
- الأدوية الخافضة للحرارة: مثل الأسيتامينوفين (Acetaminophen) أو الأيبوبروفين (Ibuprofen). يجب تجنب الأسبرين للأطفال بسبب خطر الإصابة بمتلازمة راي.
- الترطيب: تشجيع الطفل على شرب الكثير من السوائل لتجنب الجفاف.
- الراحة: إعطاء الطفل وقتًا كافيًا للراحة والتعافي.
- الملابس الخفيفة: تجنب إلباس الطفل ملابس ثقيلة لعدم حبس الحرارة.
- الكمادات الفاترة: يمكن استخدام كمادات ماء فاتر لتبريد جسم الطفل.
متى يجب طلب المساعدة الطبية الفورية؟
يجب التوجه إلى الطبيب فورًا في الحالات التالية:
- إذا ارتفعت درجة حرارة الطفل إلى 40 درجة مئوية أو أكثر.
- إذا ظهرت أعراض مثل تصلب الرقبة، صعوبة التنفس، أو طفح جلدي.
- إذا كان الطفل يعاني من تشنجات أو فقدان الوعي.
- إذا كان عمر الطفل أقل من 3 أشهر وارتفعت درجة حرارته إلى 38 درجة مئوية أو أكثر.
نصائح للوقاية من ارتفاع الحرارة بدون سبب
بينما قد لا يمكن منع جميع حالات ارتفاع الحرارة، يمكن اتباع بعض النصائح لتقليل خطر الإصابة:
- تعزيز المناعة: من خلال التغذية الصحية الغنية بالفيتامينات والمعادن.
- النظافة الشخصية: غسل اليدين بانتظام لتجنب العدوى.
- التحصين: التأكد من حصول الطفل على جميع اللقاحات الموصى بها.
- تجنب التعرض المفرط للحرارة: خاصة في الأيام الحارة.
الخلاصة
ارتفاع الحرارة بدون سبب عند الأطفال حالة تستدعي الاهتمام والمراقبة الدقيقة. على الرغم من أن الحمى قد تكون ناتجة عن أسباب بسيطة، إلا أنها قد تشير أحيانًا إلى حالات صحية خطيرة. لذلك، من الضروري استشارة الطبيب عند استمرار الحمى لفترة طويلة أو ظهور أعراض مقلقة. مع التشخيص الصحيح والعلاج المناسب، يمكن التعامل مع هذه الحالة بفعالية.