في خطوة قد تُغير قواعد مكافحة السرطان، نجح باحثون من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو (UCSF) في تطوير تقنية مبتكرة تعتمد على "تجويع الأورام" باستخدام خلايا دهنية معدلة وراثيًا. تُعد هذه الطريقة، المعروفة باسم زرع التلاعب الدهني (Adipocyte Manipulation Transplant - AMT)، خطوة واعدة نحو علاجات أكثر فعالية وأقل ضررًا مقارنة بالعلاجات التقليدية مثل العلاج الكيميائي. تعمل التقنية على تحويل الخلايا الدهنية إلى أداة تستهلك المواد الغذائية التي يحتاجها الورم للنمو، مما يُبطئ تطور السرطان. في هذه المقالة، سنستعرض كيفية عمل هذه التقنية، نتائجها الأولية، تطبيقاتها المحتملة، والتحديات التي تواجهها، مع تقديم رؤية شاملة لأهميتها في مستقبل علاج السرطان.
فهم تقنية تجويع الأورام
ما هي تقنية زرع التلاعب الدهني (AMT)؟
تعتمد تقنية AMT على استخراج خلايا دهنية بيضاء من جسم المريض، ثم تعديلها وراثيًا باستخدام أداة تحرير الجينات CRISPR. يتم تنشيط جين UCP1 في هذه الخلايا لتحويلها إلى خلايا دهنية "بيج"، التي تتميز بقدرتها العالية على استهلاك الجلوكوز والدهون. بعد التعديل، تُزرع هذه الخلايا بالقرب من الورم أو في مواقع أخرى بالجسم، حيث تتنافس مع الخلايا السرطانية على المواد الغذائية، مما يؤدي إلى "تجويع" الورم وإبطاء نموه.
كيف تختلف عن العلاجات التقليدية؟
على عكس العلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي، اللذين يستهدفان قتل الخلايا السرطانية مباشرة وغالبًا يؤثران على الخلايا السليمة، تركز AMT على تغيير البيئة التي ينمو فيها الورم. هذا النهج يُقلل من الآثار الجانبية ويُقدم بديلاً أكثر استهدافًا. وفقًا لدراسة نُشرت في Nature Biotechnology في فبراير 2025، أظهرت التجارب على الفئران نتائج واعدة في تقليص نمو الأورام دون الحاجة إلى جرعات دوائية عالية.
نتائج البحث وإمكانياته
النجاح في التجارب المبكرة
أجرى فريق بقيادة البروفيسور ناداف أهيتوف في جامعة كاليفورنيا تجارب على نماذج فئران مصابة بأنواع مختلفة من السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي والبنكرياس. أظهرت النتائج أن زرع الخلايا الدهنية المعدلة أدى إلى إبطاء نمو الأورام بشكل ملحوظ، حتى عندما كانت الخلايا مُزروعة بعيدًا عن موقع الورم. كما أكدت تجارب على أنسجة بشرية خارج الجسم قدرة هذه الخلايا على تثبيط تكاثر الخلايا السرطانية.
مقارنة بين AMT والعلاجات الأخرى
المعيار | AMT | العلاج الكيميائي | العلاج المناعي |
---|---|---|---|
آلية العمل | تجويع الأورام | تدمير الخلايا السرطانية | تحفيز الجهاز المناعي |
الآثار الجانبية | محدودة (تحت الدراسة) | عالية (تلف الخلايا السليمة) | متوسطة إلى عالية |
الاستهداف | بيئة الورم | الخلايا السرطانية مباشرة | الخلايا السرطانية عبر المناعة |
مرحلة التطوير | تجارب ما قبل السريرية | متاح تجاريًا | متاح لبعض أنواع السرطان |
التطبيقات المحتملة لتقنية AMT
علاج أنواع السرطان الصعبة
تُظهر تقنية AMT إمكانيات كبيرة في علاج أنواع السرطان التي يصعب استهدافها، مثل سرطان البنكرياس وسرطان الثدي الثلاثي السلبي. نظرًا لقدرتها على العمل عن بُعد داخل الجسم، يمكن أن تكون فعالة في الحالات التي تنتشر فيها الأورام إلى مواقع متعددة.
التكامل مع علاجات أخرى
يمكن دمج AMT مع العلاجات المناعية، مثل العلاج بالخلايا التائية CAR-T، لتعزيز الاستجابة ضد السرطان. على سبيل المثال، قد تُضعف الخلايا الدهنية المعدلة الورم، مما يجعله أكثر عرضة للهجوم المناعي. هذا التآزر قد يُحسن النتائج في الحالات المعقدة.
استخدامات خارج نطاق السرطان
تشير الدراسات إلى أن تعديل الخلايا الدهنية قد يكون له تطبيقات في علاج اضطرابات أيضية مثل السكري. من خلال التحكم في استهلاك الجلوكوز، يمكن لهذه الخلايا أن تُساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم، مما يفتح آفاقًا جديدة في الطب التجديدي.
التحديات والمخاطر المحتملة
الفعالية طويلة المدى
حتى الآن، لم تُحدد المدة التي تظل فيها الخلايا المعدلة نشطة داخل الجسم. هناك حاجة إلى دراسات إضافية لضمان استمرارية تأثيرها دون الحاجة إلى زراعة متكررة.
التأثير على الخلايا السليمة
على الرغم من أن AMT تستهدف بيئة الورم، إلا أن استهلاك الجلوكوز والدهون قد يؤثر على الأنسجة السليمة، خاصة في الأعضاء التي تعتمد على هذه المواد، مثل الدماغ. يجب تقييم هذه المخاطر بعناية قبل الانتقال إلى التجارب البشرية.
الاعتبارات الأخلاقية
يثير استخدام تقنيات تحرير الجينات، مثل CRISPR، تساؤلات حول السلامة والأخلاقيات. على سبيل المثال، يجب ضمان عدم حدوث طفرات غير مرغوبة في الخلايا المعدلة قد تؤدي إلى مضاعفات طويلة الأمد.
التكلفة وإمكانية الوصول
تتطلب تقنية AMT عمليات معقدة تشمل تعديل الخلايا وزراعتها، مما قد يجعلها مكلفة في البداية. هذا يثير تحديات حول إتاحة العلاج لشرائح واسعة من المرضى، خاصة في الدول منخفضة الدخل.
نصائح لمتابعة التطورات في علاج السرطان
- تابع المصادر الموثوقة: اقرأ الأخبار من مواقع مثل المعهد الوطني للسرطان للحصول على تحديثات دقيقة حول العلاجات الجديدة.
- شارك في المناقشات العلمية: انضم إلى منتديات أو مجموعات مخصصة لعلاج السرطان لتبادل المعلومات مع المهتمين.
- استشر مختصين: إذا كنت مريضًا أو مقدم رعاية، تحدث مع أطباء الأورام حول التجارب السريرية المتاحة.
- ادعم البحث العلمي: التبرع لمؤسسات مثل UCSF يُساعد في تمويل الدراسات التي تُطوّر علاجات مبتكرة.
الخلاصة
تُمثل تقنية زرع التلاعب الدهني (AMT) طفرة محتملة في علاج السرطان، حيث تقدم نهجًا جديدًا يعتمد على تجويع الأورام بدلاً من تدميرها مباشرة. على الرغم من النتائج الواعدة في التجارب المبكرة، لا تزال هناك حاجة إلى أبحاث مكثفة لتأكيد سلامتها وفعاليتها على البشر. مع استمرار التطورات في مجال تحرير الجينات، قد تصبح هذه التقنية جزءًا من ترسانة العلاجات المستقبلية. لمعرفة المزيد عن الابتكارات في علاج السرطان، تابع مقالاتنا حول أو شارك برأيك في التعليقات أدناه.